eibda3mag



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

eibda3mag

eibda3mag

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كل شئ عن اســـــرة ابداع


    القضايا العربية في الثقافة الأمريكية

    Donkamello
    Donkamello


    عدد المساهمات : 202
    تاريخ التسجيل : 20/04/2009
    العمر : 33

    القضايا العربية في الثقافة الأمريكية Empty القضايا العربية في الثقافة الأمريكية

    مُساهمة من طرف Donkamello السبت أبريل 25, 2009 5:05 am

    قد يبدو هذا العنوان مناسباً لكتاب أكثر منه لمقالة عابرة، ليس من حيث ضخامة الموضوع - فكثير من القضايا التي تتناولها المقالات يمكن التوسع فيها وطرحها على مستوى دراسات أو كتب. هو مناسب لكتاب لأن الموضوع حسب علمي ليس مما توسع فيه الباحثون العرب، أو أنه مما اجتذب بعضهم ولكن في نطاق محدود على الرغم من أهميته في التعرف على فكر ما اعتدنا مؤخراً أن نسميه (الآخر). والآخر هنا، كما هو واضح، ليس أي آخر، فهو الولايات المتحدة، هذه القوة الضاربة التي تفعل في تاريخنا المعاصر الأفاعيل تاركة الأخاديد وليس مجرد البصمات، وليس ذلك على المستويين السياسي والاقتصادي فحسب، المستويين الرئيسين اللذين يتبادران إلى الذهن قبل غيرهما، وإنما أيضاً على مستويات كثيرة أخرى أحسبها لا تقل أهمية، منها الثقافة والإعلام والحياة الاجتماعية. هذه الجوانب الأخيرة - وليس السياسية والاقتصادية - هي مما لم يسلط عليه ضوء كافٍ على المستوى العربي. 
    القضايا العربية في الثقافة الأمريكية (في الفكر والأدب والفن) موضوع شائك وليس بالمحدود، فعلى الرغم من أن العالم العربي ليس مما يشغل الكتاب الأمريكيين إلا بقدر صلة العالم العربي بالمصالح الأمريكية ومنها علاقته بإسرائيل، فإن للعالم العربي حضوره الفكري والثقافي المستقل. يكفي أن نتذكر عدد مراكز البحث والمعاهد المتخصصة بالشرق الأوسط والعالم العربي، بالإضافة إلى الأقسام المتخصصة بثقافات المنطقة ولغاتها، وكذلك عدد المختصين الذين يعملون في تلك المراكز والمعاهد والأقسام وعدد الدارسين وما ينتج عن هذا كله من أبحاث ورسائل جامعية وكتب. أضف إلى ذلك ما دأب المبتعثون العرب على إضافته إلى قوائم البحث والدراسة من رسائل جامعية وأبحاث في مختلف الجامعات الأمريكية مما من شأنه تعزيز المعرفة بالعالم العربي وحضوره الثقافي. 
    لكن هذا الحضور ليس المقصود بما سبق أن أشرت إليه من حضور للقضايا العربية لدى المثقفين الأمريكيين، فما أشير إليه يتصل بصميم الثقافة الأمريكية واهتمامات المنتمين إليها، والأسئلة المتنامية حول هذا الموضوع كثيرة وتتصل بتشكل تلك الثقافة ورؤيتها للذات و للآخر عموماً. وحين نطرح الموضوع على هذا المستوى لابد أن نتذكر أننا نتحدث عن ثقافة تتعدد وجوهها بتعدد أصول جماعاتها الإثنية ومواقع تلك الجماعات على الخريطة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فمواقف البيض البروتستانت، مثلاً، وطبيعة اهتماماتهم بما يتصل بالعرب، ليست هي نفسها مواقف السود الأمريكيين. كما أن موقف الجماعات الإثنية الأخرى، مثل اليهود، تتباين أو تلتقي كثيراً أو قليلاً مع موقف جماعات أخرى، مثل البيض الكاثوليك أو ذوي الأصول اللاتينية. هذا على مستوى التشكيل الاجتماعي، فإذا طرحت المسألة على المستوى المهني أو حسب طبيعة الاهتمامات من قبل الفئات التي تصنع الحياة الفكرية والثقافية، مثل الأكاديميين والمبدعين والفلاسفة، اتخذت الصورة منحى آخر واختلفت طريقة التقويم، وهو ما يؤكد في النهاية أن الصورة أكبر مما يمكن احتواؤه في مقالة أو مقالتين، وحسب الكاتب هنا أن يلامس الموضوع أو يوحي بمعالمه وأهميته. 
    على هذا المستوى الأخير سنجد مواقف وأنماط اهتمام متباينة. سنجد الشاعر المهتم ببعض جوانب الأدب العربي، والمفكر الذي استوقفته جوانب من التاريخ الفكري العربي، والروائي الذي صور العرب على نحو ما في أعماله، والمترجم/ المستعرب الذي استهواه نقل بعض الأعمال العربية أو التعريف بالثقافة العربية، والناقد الأدبي الذي استرعى اهتمامه جانب من الأدب العربي. على مستوى الشعر سنجد مثلاً شاعراً مثل روبرت بلاي الذي يعود إلى أصول اسكندينافية ويعد في طليعة الشعراء الأمريكيين المعاصرين. ففي بعض أعمال بلاي تتردد أسماء شعراء عرب وشرقيين آخرين مثل ابن حزم الذي يأتي في سياق إعجاب الشاعر، مثل كثيرين غيره، بتاريخ الأندلس وإرثها الثقافي. وهو ما يأخذنا إلى التاريخ الثقافي الأمريكي حيث نجد أحد رواد الأدب الأمريكي، واشنطن إرفنج، الذي ألف في مطلع القرن التاسع عشر كتاباً حول قصر الحمراء في الأندلس، مثلما ألف كتاباً حول حياة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام. وهي كتب يطغى عليها الإعجاب، مثلما نجد كاتباً أشهر من إرفنج، هو إدغار ألن بو الذي كتب الكثير مما يتصل بالثقافة العربية الإسلامية. 
    فيما يتعلق بروبرت بلاي يلفت النظر إلى اهتمامه بالثقافة العربية، وهو اهتمام محدود بطبيعة الحال، يتسق مع مواقفه السياسية المناهضة للنزعة التسلطية للحكومات الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية. فهو من الجيل الذي ازدهر أدبياً أثناء حرب فيتنام وله في نقد السياسة الأمريكية ومعارضة سياستها قصائد كثيرة. لكننا لا نكاد نعثر في أعماله على موقف واضح تجاه القضايا العربية الرئيسة، خصوصاً الصراع مع إسرائيل. 
    الذي أشار غير مرة إلى تلك القضايا واتخذ مواقف تتسم بوضوح أكثر هو الروائي جون أبدايك، الذي يعد من أبرز الوجوه في المشهد الثقافي الأمريكي ليس على مستوى الرواية فحسب وإنما على مستوى النقد أيضاً. ومواقفه تتماس مع مواقف آخرين من الروائيين والنقاد والمفكرين مثل فيليب روث وهارولد بلوم وليو ستروس، كما أرجو أن يتضح في مقالات قادمة. 

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 10:15 pm